(3) كتاب صنع في الصين "أوجد هرمية مرنة "

(3) كتاب صنع في الصين "أوجد هرمية مرنة "

يعرف وصف الهرمية المرنة بأنها نمط تنظيمي مناسب تماماً لترجمة الأولويات عالية المستوى إلى عمل تنظيمي.

وقصة نجاح شركة هاير تعد واحدة من أفضل القصص في هذا المجال لن اتطرق إلى البدايات ولكن سنبدأ عندما قررت الشركة أن تنمي جودة منتجاتها لتحقيق ميزة تنافسية أمام منافسيها حيث تنبأ مديرها بأن السوق سيتحول من الكم إلى النوع عندما تكون طاقة الصناعة قد لحقت بالطلب.

حدد المدير عدداً من الأولويات الملموسة المتسقة مع تحسين جودة المنتج بما في ذلك تحقيق معايير جودة المنتجات الأوربية وكفاءة عمليات التصنيع اليابانية ودخل كذلك في مفاوضات للتوصل إلى اتفاقية بشأن منحه ترخيصاً لإنتاج التقنية من شركة لايبهر الألمانية لصناعة الأجهزة المنزلية

على الرغم من جهود المدير "زهانغ" لم يكن راضياً عن الجودة التي تخرج من مصانعه فقرر يوماً أن يقدم لموظفية درساً مهماً حيث قام بجمع الثلاجات المعطوبة في صف واحد ووضع عليها بطاقات تشير إلى العيوب واسماء الموظفين الذين شاركوا في تصنيعها طالباً منهم تحطيم هذه الأجهزة بمطرقة كبيرة، التأثير لما يكن فقط على الصانعين للأجهزة ولكنه كان بداية إنذار للشركة وتوجيه واضح بأنها تهدف للتوجه نحو الجودة وأن لا تراجع عن المنتجات المعطوبة مع أنها كانت تباع بما يقارب راتب شهرين للموظفين ما شكل صدمة لهم! اثمرت الجهود بعد ذلك بأربع سنوات لتكون هاير قد فازت بجائزة الجودة الأفضل في الصين حتى أنها تفوقت على جودة شريكتها الألمانية.

النمو عبر التنويع ١٩٩١ إلى ١٩٩٨:

بعد أن اكتسبت الشركة سمعة حسنة في السوق الصيني لِما تتمتع به من جودة قررت الشركة بأنه قد حان الوقت لتنويع الإنتاج لسلع بيضاء أخرى مثل المجمدات وأجهزة التكييف وأطلق على الكيان اسم "هاير جروب" كان زهانغ يكرر القول دائماً : إن رواد الأعمال الصينيين يلزمهم ثلاث عيون بدلاً من اثنتين عندما يتحينون اكتشاف الفرص واحدة تراقب المؤسسة بتواصل لاستنباط أساليب جديدة لإطلاق وتسخير طاقة الموظفين، والثانية مصوبة نحو الزبون من أجل التعرف على الحاجات التي تنشأ ، والثالثة تراقب السياق السياسي - التنظيمي بحثاً عن منافذ تعود إلى الفرصة المواتية.

وأتت الفرصة السياسية عندما ناشدت الحكومة لتحقيق الإصلاح وفتحت المجال لإجراء إصلاح اقتصادي ما سهل على الشركة جمع رأس المال بسبب سياسة التيسير الائتماني لتتملك الشركة في عام ١٩٩٢ أكثر من نصف مليون مربع لاقامة مصنعها

في هذه الفترة كانت بعض الشركات تعاني ما دفع الحكومة إلى عمل زواج قسري بين المنافسين الأقوياء والصغار لمنع الشركات الضعيفة من الغرق... هل هي نعمة أم نقمة؟ كانت هناك جملة لمدير الشركة تقول استحوذ على الأسماك المصدومة لا الأسماك الميتة

.فاختار شركة كانت تعاني إداريا وقام بتنفيذ الأساليب الإدارية المتبعة في شركته ما جعل الشركة تنهض بعد ذلك بثلاث شهور لتتحول إلى شركة رابحة ومن هنا بدأت سمعة الشركة تزداد أمام الشركات مما أتاح لهم اختيار الشركات التي تلبي مصالحهم.

بعد نجاح التصنيع للشركة الذي توسع ليشمل شاشات التلفاز والهاتف قررت الشركة التوجه نحو العالمية نجحت الشركة في ذلك ولكن بدلاً من التنافس على السعر فقط قررت تحقيق الربح عبر ابتكار المنتجات، نعود لتعريف الهرمية المرنة وما الذي اتبعته شركة هاير لتحقيق نجاحها الباهر:

الهرمية المرنة هي نمط تنظيمي يعمل فيه كبار الموظفين التنفيذيين على وضع أولويات المؤسسة والايعاز إلى أصحاب المراتب الأدنى لتنفيذها ولكنهم يتحيون للمديرين والموظفين الذين يحتلون مراتب متوسطة نطاقاً واسعاً من الحرية للتباحث بشأن أهدافهم المحددة مع توفير مساحة من الاستقلالية في التنفيذ.

"إن المفتاح إلى الهرمية المرنة يتمثل في مقدرتها على ترجمة الأولويات الى أفعال"

آليات تتبعها الشركات لتحقيق الهرمية المرنة:

    1. العقود المستندة إلى الأولويات: يختار فيها المدير عدداً صغيراً من الأولويات التي لها تإثيرها في الشركة كلها, يتم التناقش فيها مع المسؤولين المباشرين ومن ثم يجتمع الموظفون التنفيذيون مع مروؤسيهم للتوافق على عدد من الأهداف وتتسلسل العملية على طول الخط باتجاه تأهيل الموظفين في مكان العمل ويتم وضع أولويات الشركة عن طريق الإدارة العليا وهي لا تخضع للنقاش وفيما تتعاقب هذه الأولويات نزولاً باتجاه كل مستوى من التدرج "إن أهمية هذه العقود هي خاصة في الأسواق التي لا يمكن التنبؤ بأوضاعها لأنها تمنح الموظفين حرية اتخاذ القرار لتسخير إدراكهم المتعمق للظروف المحلية من أجل اختيار الوسيلة الأفضل لتحقيق الغايات والأهداف
    2. الشفافية في مراقبة الأداء: غالباً ما تولد السرية حالة من عدم الثقة ... اتبعت الشركة آلية شفافة لتوضيح الترقيات التي تحدث في العمل وخفض المراتب ومنح المكافآت وقامت بالعديد من الأمور التي ربما تكون مبالغة في وقتنا الحالي مثل جمع الموظفين في آخر اليوم ووضع دائرة حمراء يقف فيها العامل الذي لم يحقق أهدافه لليوم ويوضح أسباب القصور وكيفية التغلب عليها، الآلية متبعة تقريباً في عدد من الدول مثل اليابان أيضاً ولكن بطرق مختلفة ولكنها قد تكون عنصر ضغط بالنسبة للافراد العاملين لأنهم سيكونون موضع نظر الآخرين وسيكونون في ضغط دائم للوصول إلى الإنجازات المطلوبة أو للتفوق في سبيل الحفاظ على سمعتهم
    3. الحوافز القوية: مثل المكافآت المالية والترقيات والمشاركة في التقدير مثل تسمية المنتج باسم مبتكره وهذه خطوة جميلة تشجع الجميع على الابتكار
    4. معاقبة الأداء القاصر: مثل ما يتم عمل سياسات للترغيب هناك سياسات ترهيب تعمل على تخفيض الأجر أو الرتب عندما يفشل المديرون في تحقيق أهدافهم.
    5. نقاط أخرى مثل: وضع حدود للمجازفة الضارة للامركزية - استخدام الحوافر للتحكم في نقاط الضعف والقوة - التدريب المنتظم - التناوب المتكرر للوظائف

تدريب طاقم من المديرين العامين:

من أفضل الآليات التي أعجبتني في الشركة هي توظيف أشخاص يعرفون معنى الإدارة فقط دون التوغل في العمليات والفنيات وهذا يتيح لهم السيطرة على أي وضع وأي شركة تحتاح للإشراف وكل ما يحتاجونه هو التدريب والمناوبة على الوظائف وكذلك عمل آليات تواصل مع الفرق الأخرى للوصل للهدف الرئيسي للشركة.

مواصلة الضغط: إن إحدى التحديات الرئيسية للإدارة الهرمية المرنة هي الحفاظ على ضغط متواصل خاصة في أوقات الهدوء النسبي عندما يكون الإغراء طويلًا لأخذ وقت أطول وجهد قليل في العمل لإدخال التحسينات على العمليات. "المصابون بجنون الارتياب فقط هم الذين يكتب لهم البقاء"

للمزيد من المعلومات الرائعة عن الصين أنصحكم بقراءة هذا الكتاب القيم فالصين هي نموذج مهم جداً في عمليات إدارة المخاطر وأوقات عدم اليقين.